اليمن مقابل لبنان؟

في السبعينات قيل لتعرف ما يحصل في الشرق الاوسط ابحث عن لبنان اما اليوم اذا اردت ان تفهم الشرق الاوسط ابحث عن اليمن.

مما لا شك به ان الاستدارة التي احدثها علي عبدالله صالح مفاجئة اذا تم قراءتها بمعزل عن الاحداث في المنطقة, اما اذا تم ربطها بالنزاع السعودي الايراني فيسهل قراءة السيناريوهات التي ادت الى هذا التطور.

في إحدى اللقاءات الذي حصل في لندن منذ اسبوعين لعدد من الديبلوماسيين في منزل احد اعضاء مجلس اللوردات المهتمين بملف الشرق الاوسط, قال اللورد لضيوفه انتظروا ما قد يحصل في اليمن قبل الحكم على الاحداث. ظن الحاضرون ان هادي سينهار والحوثيون سيفرضون واقع جديد واذ بالأحداث تتجه الى منعطف مختلف كليا. ما حدث يمكن ان يكون احد اثنين من السيناريوهات:

السيناريو الاول هو ان طهران ضمن صفقة “من تحت الطاولة” وتحت الضغط الدولي قد باعت الحوثيين لتخفيف الضغط الحاصل بالخليج وبالتالي السعودية فتحت الباب لحليفها السابق لقلب المعادلة مقابل مكاسب سياسية في التسوية اليمنية خاصة ان علي عبدالله صالح برهن في السنوات الثلاث الاخيرة ان ممسك بالدولة اليمنية العميقة. طبعا ايران لم تتنازل بل بادلت والثمن ترجم بتراجع الحريري عن مواقفه عند الاستقالة واستدار 180 درجة بمواقفه من حزب الله. هل بميزان الاهمية طهران بادلت ما هو اهم بما هو اقل اهمية؟ وهل السعودية قبلت بإبعاد الشر القريب وقبلت الشر البعيد طالما يبقى بعيدا جغرافيا؟

السيناريو الثاني هو ان صفقة روسية أمريكية تقضي بتقليص الحجم الايراني المضخم خاصة بعد حرب سوريا, وبالتالي تم ضرب ايران بإحدى اوراقها الاساسية, الورقة اليمنية, التي كانت تعول عليها في حربها على السعودية ؟ واذا صحَ هذا السيناريو فهذا يعني ان ايران لم تكن من ضمن الصفقة وبالتالي عليها وعلى حلفائها اعادة قراءة الخريطة الجديدة للمنطقة.  واذا صحَ هذا السيناريو فسنرى ارتداداته على الداخل وهذا يبرر موقف ريفي اليوم من احداث اليمن.

ان ما سيوضح حقيقة ما حدث باليمن هو موقف الحريري الذي سيظهر ان كان هناك من صفقة ايرانية سعودية ام لا. هل كان لبنان ورقة المقايضة السعودية الايرانية ام انه سيكون ورقة اضافية تخسرها ايران من ضمنة مخطط التحجيم؟

على اي حال ان صح سيناريو تحجيم ايران لا يعني الغاء حزب الله بل تبديل شكل حضوره “فايس ليفتينغ” الذي سيبقى وازنا بوزن من يمثل. ولا يعني انتصار من كان يعرف ب 14 اذار بل مساحة اكبر من الدولة للجميع. وان صح سيناريو الصفقة السعودية الايرانية فان حزب الله سيكون الرابح من الصفقة مع العلم ان الحزب يجهز نفسه لتغيير صورته الداخلية رضائيا ومن ذاته ليتماشى مع متغيرات المنطقة والعالم. ولكن بالسناريو الثاني الحزب يكون بوضع افضل والاقوى وبالتالي سيكون المؤثر الكبر في رسم ملامح النظام اللبناني الجديد الاتي مع متغيرات المنطقة.

ما هو اكيد ان المنطقة اصبحت على قاب قوسين او ادنى من رسم المراحل النهائية لتسوية المنطقة او ما سماه كسينجر منذ ثلاث سنوات سايكس بيكو الجديد, ونهاية الفوضى الخلاقة لكونداليسا رايس. ونصيحة للمستعجلين من السياسيين اللبنانيين كفى لبنان رهانات خاطئة “ف طولوا بالكن قبل ما تحكوا القصة اكبر منكن”

بقلم د. ناجي صفير
3/12/2017

Share