لبنان وأزمة الشرق الأوسط

بقلم د. ناجي صفير

أيام قليلة مرَت على احداث السعودية التي تهدف الى إمساك الأمير محمد بن سلمان بزمام السلطة وقد أدت الى حملة “التطهير” الداخلية. كما أيام قليلة مرَت على استقالة الرئيس الحريري التي أدت الى زلزال سياسي داخلي. الربط بين الحدثين واجب لفهم وجهة الاحداث. ولكن مؤشرات الاحداث بدأت بالأزمة اليمنية وعاصفة الحزم عند تولي الملك سلمان بزمام السلطة, وبتعين الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد, وبانفجار الأزمة الخليجية القطرية. وفي المقالات السابقة فصلت الاحداث على إنها بداية المواجهة السعودية الإيرانية بعد تحول السعودية من سياسة الاستيعاب الى سياسة المواجهة. طبعا لا يخفى الدور الأمريكي وتأثير انتخاب الرئيس ترامب الذي خالف سياسة سلفه اوباما الى حد وصف إيران بالشيطان الأكبر. كما لوصول حلفاء إيران الى حدود إسرائيل من جهة سوريا ولبنان وفتح الممر من إيران الى لبنان عبر العراق وسوريا بعد استعادت النظام لمنطقة دير الزور تأثير في دعم أمريكا للتحرك السعودي. وبالعودة الى أحداث الأيام الأخيرة, الأكيد إن هذه الأزمة ليست كمثيلاتها ولن تنتهي بتسوية لا غالب ولا مغلوب. استقالة الحريري لها مؤشرين الأول انهاء التسوية التي أتت بالحريري بعد انتخاب الرئيس عون, وبالتالي الانتقال من التهدئة الى المواجهة. المواجهة مع حزب الله ما تسميه السعودية ذراع إيران, وأين أفضل مكان للمواجهة غير عقر دار الحزب اي لبنان. الغاية المبسطة للمواجهة الهاء الحزب داخليا مما يلهيه عن التدخل الاقليمي. أما الغاية العميقة هي القضاء على الوجود العسكري للحزب وبالتالي إضعاف التأثير الايراني في الدول التي هي تقليديا تحت المظلة السعودية كلبنان واليمن والبحرين. المخيف بهذه المرحلة هو تأثير هذه الأزمة على لبنان على صعد ثلاث:

اولا اقتصاديا: الخوف من التداعيات اذا ما قامت دول الخليج من سحب أموالها من لبنان, والمقاطعة الاقتصادية والتي قد توقف تصدير البضائع اللبنانية علما ان الخليج من أكبر الاسواق للمنتجات اللبنانية. اضافة الى امكانية ترحيل عدد كبير من اللبنانيين من دول مجلس التعاون الخليجي ويحكى بالكواليس عن لائحة بلغت للمراجع اللبنانية بالأسماء التي سيتم ترحيلها. أضف الى ذلك الانتكاسة السياحية وقد بدأت مؤشراتها بطلب الرعايا السعوديين بمغادرة لبنان وطبعا سيليها الإمارات والبحرين ومصر والاردن.

ثانيا سياسيا: الخوف من انعكاس الأزمة الاقليمية على الداخل اللبناني و بوادرها برزت ببداية الانشقاق داخل التيار الازرق بين الحمائم والصقور. كما الانقسام ممكن ان يأخذ منحى مذهبي بين الشيعة والسنة مما يعيدنا الى المواجهات الدامية داخليا. واخيرا انقسام على المستوى الوطني بين الخط السعودي والخط الإيراني. هذه الانقسامات قد تؤدي الى زعزعة امنية او حتى الى حرب اهلية لا طائل للبنان على تحملها وهذا ما يشرح تغريدة اللواء ابراهيم عن تعقيد في الوضع الداخلي.

ثالثا امنيا: اضافة الى الخلل الامني الانف الذكر, امكانية إندلاع حرب بين الخطين الاقليميين ودخول العامل الاسرائيلي عليها والهدف ضرب حزب الله وبالتالي اضعاف النفوذ الشيعي وابعاد ايران عن الحدود الإسرائيلية وهنا التقاطع بين المصالح الإسرائيلية والخليجية. علما ان الغزل الخليجي الاسرائيلي قد بدأ منذ اشهر لدرجة الحديث عن تطبيع. وفي هذا السياق حديث عن طائرات سعودية في قبرص و تحرك ل7 سفن حربية أمريكية باتجاه المنطقة.

سيناريو الحرب يوازي نسبيا سيناريو عدم حصولها وهذا ما سبب رفض استقالة الحريري من قبل الرئيس عون والرئيس برًي. وما سبب فحوى خطاب السيد حسن الاً الخوف من التزعزع الامني الذي قد يكون على المحورين الداخلي والخارجي. زيارة محمود عباس ودعم ترامب لولي العهد و زيارة ماكرون للسعودية وقبلها الموفد البريطاني اذا ما كانت تؤشر على شيء فهي تؤشر على خطورة الوضع والله اعلم ما ستكون مواقف الدول العظمى.

المطلوب لبنانيا هو العمل على تدعيم الوحدة الداخلية على الاقل على مستوى الشارع وعدم رهان اي طرف على الخارج اكان انصار الخط الايراني او انصار الخط السعودي لان المعركة اكبر من لبنان ولاعبيه ويجب على المسؤولين العمل على تخفيف الضرر الذي ينجم عن الاهتزاز الاقليمي وهذه المرحلة شبيهة بحرب عالمية ولكن المسرح اقليمي. انبه الجميع من الانجرار خلف ضوضاء الحرب والفوضى لأن على رأي المصري الشعبي: دخول الحمام ليس مثل خروجه.
واترك الكلام لمصطفى أمين

هل مطلوب منا نحن الصغار أن نقول أمين على كل كلام يقوله الكبار، حتى ولو كان كلاما فارغا لا يتفق مع ضمائرنا ومصالحنا، وإلا نكون خونة وعملاء ؟

Share