بعيدا عن “المرجلة” والتراشق على وسائل التواصل الاجتماعي مع دول الخليج والقول بأننا لسنا بحاجة لهم، الحقيقة هي التالية:
من ناحية الاستقالة بغض النظر عن العامل الخارجي المسبب لها، فالاستقالة بحد ذاتها تعني عدم الاستقرار السياسي و بالتالي التسبب مباشرة بالتأثر على الاستثمار الداخلي لأن رأس المال لا يتحرك الاَ ببيئة مستقرة واّمنة، والتأثير على نسبة الاستهلاك خصوصا على المنتجات الغير ضرورية كالمأل والشراب والدواء، والتأثير يطال السياحة الداخلية.
أما من ناحية الاختلاف مع دول الخليج، فالتأثير الاقتصادي له تأثير مدمر على الأقل على المدى القصير والمتوسط. القطاع السياحي أول المتضررين وبالفعل فان فنادق بيروت خاصة الكبرى منها عادت الى سياسة إلزام الموظفين بأخذ فرصهم السنوية بالإضافة الى أخذ أيام عطل أسبوعية إضافية غير مدفوعة (مثل أيام حرب 2006) ولا داعي للحديث عن الفنادق خارج بيروت التي اصلا تعاني خارج موسم الاصطياف.
قطاع الزراعة الذي يشكّل في لبنان حوالي 4.7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان ويوظّف القطاع 10% تقريباً من اليد العاملة اللبنانية وهو رابع أكبر قطاع من حيث العمالة في البلاد، أيضا سيتضرر من خلال أي حظر تجاري لأن الأسواق الخليجية وتبعا لإيدال لا تزال الدول العربية تمثل سوق التصدير الرئيسية، حيث تستقطب خمس دول عربية حوالي 73.7 في المئة من اجمالي الصادرات وهي: السعودية (18.3 في المئة)، مصر (18.1 في المئة)الكويت (13 في المئة)، الامارات (12.2 في المئة) والاردن (12.1 في المئة) وهي الدول الممكن ان تقاطع لبنان. ولا داعي للتذكير بمعاناة القطاع الزراعي خاصة بعد الازمة السورية. أذا ما اضفنا باقي دول التعاون الخليجي فان لبنان يصدر نحو 75% من إجمالي إنتاجه الزراعي إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
اما بالصناعة فلبنان يصدر نحو 50% من إجمالي إنتاجه الصناعي إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
اما في قطاع الصناعات الغذائية، فهذا القطاع يوفر نحو 20,607 فرصة عمل، أي ما يوازي نسبة 25 في المئة من اليد العاملة الصناعية.فالحال لن يكون أفضل إذ ان نسبة الصادرات الى دول مجلس التعاون الخليجي تشكل حوالي 18.4% من مجموع هذه الصادرات، وحلت السعودية في المرتبة الأولى بين هذه الدول باستيرادها بنحو 8.5% من مجموع الصادرات الصناعية، تلتها الامارات 3.7%.
يقدر عدد اللبنانيين العاملين في منطقة الخليج بنحو 750 ألف شخص، وهم نصف مليون لبناني في السعودية وعشرات الآلاف في بقية دول مجلس التعاون الخليجي.
تقدر قيمة تحويلات اللبنانيين العاملين في الخليج إلى لبنان بنحو أربعة مليارات دولار سنويا، ويذكر أن 50% من العائلات اللبنانية تعتمد كليا أو جزئيا على هذه التحويلات.
تبلغ قيمة موجودات الخليجيين في المصارف اللبنانية نحو عشرين مليار دولار بحسب تقديرات مصرفية.
تمثل الاستثمارات الخليجية في لبنان نحو 85% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
تقدر قيمة الاستثمارات العقارية الخليجية في لبنان بنحو ستة مليارات دولار.
بعد ذكر تلك الارقام اترك للقراء استنتاج الارتداد الاقتصادي للأزمة على لبنان وللقائل “بسيطة منصدّر لبلدان تانية” الجواب بسيط ان خلق اسواق جديدة يتطلب وقت طويل والاقتصاد اللبناني لا يتمتع بهذا الامتياز. وصحيح ان اللبنانيين ساهموا بإعمار الخليج مقابل معاشاتهم ولكن الواقعية هي ان عودتهم ستكون كارثية.
علً المسؤولين يعون هذه الارقام ويقفوا بهورة.
بقلم د. ناجي صفير