وضع مجلس النواب الرئيس بوضع غير مريح في موضوع السلسلة، اذا لم يوقعها فسيعادي الطبقة السياسية التي ارادت السلسلة كرشوة انتخابية واذا وقعها فسيكون قد غطى المغالطات القانونية والدستورية للسلسلة و حكم على الاقتصاد المتردي اصلا بالإعدام. فأتى المخرج بأن يقوم الرئيس بتوقيع السلسلة بشرط اقرار قوانين تصحيحية للسلسة من الناحية القانونية. هذا المخرج بحد ذاته ادانة “للمشرعين”، كما يريدون أن يسموا انفسهم. كيف للمشرع ان يضع قانون يشوبه أخطاء دستورية وقانونية؟ إذا كان الجهل، فهذه مصيبة (يتحملها المصوت لأن بلبنان اغلب الناس مصوتين ومش ناخبين) وإذا كان السبب تخطي القوانين لمصالح سياسية فالمصيبة أكبر. خرج وزير المال مطالبا بإقرار السلسلة بعد لقاء بعبدا ومصرحا
إستعداد الكتل السياسية إقرار قوانين جديدة لإصلاح الشوائب، ولكن السؤال يا معالي الوزير كيف تقرون أصلا فوانين خاطئة (بس معك حق شو المشكل؟ هيك هيك ما في شعب يحاسب). السلسلة التي يستفيد منها القطاع العام والاساتذة والمتقاعدين من القطاع العام (الذين حسب الارقام الرسمية هم 180000 بينما مصادر رسمية تؤكد ان الرقم غير دقيق وهو اكبر من ذلك).تشير أرقام السلسلة وكلفة القطاعات المختلفة التي تصل إلى حوالي 1650 مليار ليرة مع زيادات غلاء المعيشة، أن اكبر المستفيدين من هذه الزيادة هم الرؤساء والوزراء والنـواب الذي يصيبهم زيادات شهرية لكل منهم تـتراوح بين 5,5 ملايين ليرة و7 ملايين ليرة شهرياً، أي ما يوازي قيمة الرواتب والمخصصــات الحــالية. إذ أن كلفة الزيادة لحوالي 128 نائباً و30 وزيراً وثلاثة رؤساء تقارب الـ9 مليارات ليرة سنوياً. تشكل اجور القطاع العام 42 في المئة من الايرادات العامة بالمقارنة مع نحو 10 في المئة الى 15 في المئة في الدول الاخرى. أما توزيع أعداد الموظفين في القطاع العام التي تبلغ 270 الفا اي 20 في المئة من القوى العاملة في لبنان فهو 100 الف في الاجهزة العسكرية والامنية (الوحيدة التي تستحق السلسلة) و40 الفا في المدارس الرسمية و37 الفا في الادارات والمؤسسات العامة (التي يعمل موظفوها 35ساعة اسبوعيا فقط مقارنة ب48 ساعة للقطاع الخاص حسب المادة 31 من قانون العمل دون ذكر مستوى الانتاجية) و15 الفا في البلديات و20 الفا اجراء ومتعاملون و8 آلاف استاذ واداري في الجامعة اللبنانية. كما يقدّر عدد المتقاعدين بنحو 50 الفا بين مدني وعسكري. وبالتالي إن السلسلة التي ستؤدي الى غلاء بنسبة تتراوح ما بين 15 ال 17% سيتفيد منها 20% من القوى العاملة بلبنان بينما سيتحمل اعباؤها 80% من القوى العاملة التي ستتدنى قدرتها الشرائية (اذا موظف بالقطاع الخاص بيقبض 1000 دولار رح يصير معاشو بيساوي 850 دولار) والبداية كانت مع الاقساط المدرسية. تأكيدا للزيادة نأخذ مثلا زيادة القيمة المضافة على الوقود سيطال الانتاج والنقل بشكل تراكمي مما سيؤدي الى زيادة على كافة المنتجات (ضمنها البضائع المعفية من القيمة المضافة). ضف الى ذلك الركود الاقتصادي الذي سيحصل لفترة سنتين على الاقل حسب تقديرات كافة الخبراء ومن ضمنهم الموالين للحكم. يجب ذكر الواقعة المهمة وهي إن كلفة السلسلة غير مؤمنة والا ماذا يبرر خوف مصرف لبنان وتقسيط السلسلة؟
الحل هو بإعادة السلسلة ودراستها وتأكيد أرقامها، إجبار موظفي القطاع العام باستخدام المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية وايقاف بدل المدارس والجامعات الخاصة (والا هذا يكون اعتراف رسمي بعدم جدوى القطاع التعليمي الرسمي)، زيادة ساعات القطاع العام ليتساوى مع القطاع الخاص (شو موظف دولة بسمنة والقطاع الخاص بريت؟)، الحد الاستفادة من المعاش التقاعدي وحصره بالمتقاعد وزوجته والابناء في حال وجود اعاقة جسدية او عقلية تمنعهم من تأمين مصاريفهم الحياتية. وقف الهدر في المرافئ العامة وخاصة الجمارك، وقف استأجر المباني خاصة الغير ضرورية، وقف استعمال السيارات العامة للاستعمال الخاص، تخفيض الفائض في الادارات الرسمية، تخفيض عدد المسافرين في الرحلات الرسمية (التي تحولت الى رحلات سياحية لزوجات وحاشية المسؤولين)، تخفيض عدد المرافقين الغير الضروري، وقف معاش النواب السابقين بعد مرور 4 سنوات على اخر ولاية، تفعيل هيئات الرقابة المالية، وغيره من الاصلاحات. بعد ذلك يتم اقرار السلسلة التي حينها تصبح محقة ولا ينتج عنها أي عبء مالي وارتداد اقتصادي.
خلاصة يقول المفكر العربي محمد الغزالي “إن الفراعنة والأباطرة تألهوا ؛ لأنهم وجدوا جماهير تخدمهم بلا وعي.”
بقلم د. ناجي صفير